ميراث الندم امل نصر كاملة
المحتويات
نحو دميتها فضحك يرفع كفه يصافح الدمية ويجاريها في لعبتها
اهلا اهلا يا ست دودو يا ترى انتي مأدبة ولا شجية ومشجلبة زي صاحبتك
سمعت منه الصغيرة لتصدح بضحكات طفولية صاخبة ادخلت اليه البهجة فقد اشتاق قلبه لسماعها في هذا المنزل الذي عشعش به الحزن منذ رحيل ابنه الاخر تحمحم يجلي حلقه كي يستعيد تركيزه في مخاطبتها
ماما نايمة واسراء راحت الدرس مع صحباتها
ردت بسجيتها ليزوم هو بفمه ويردد بكلمات مقصودة
اممم صاحباتها معرفهومش انا صاحباتها دول انتي تعرفيهم
اجابته بلهفة تعدد على اصابعها
ايوة يا بابا سمر بت عم يسرى وغادة ودعاء ومريم
ما شاء عليكي يا بابا شطورة طب على كدة كنتي تعرفي اصحاب المرحوم اخوكي ولا العيال اللي كان بيمشي معاهم
مين صاحبه بتاع الورشة
سألها باهتمام وردت الصغيرة
دا صاحبه اللي شغال في المدينة الصناعية كذا مرة كانت امي تزعج لمالك عشان ميمشيش معاه بس هو مكنش بيسمع كلامها
سهم بنظره اليها
بتفكير متعمق عن هوية هذا الغريب الذي لا يعلمه حتى ومض عقله لينهض سريعا مستغلا نوم زوجته فيخرج هاتف الراحل من مكان احتفاظها به داخل خزانة ملابسه ليضعه على شاحن الكهرباء وفور ان اضاء للأستخدام هتف مناديا باسمها لتجاوره على الأريكة
اومأت برأسها ليتصفح معها في وسائط الهاتف مجموعة من الصور الكثيرة التي اوجعت قلبه برؤيته للفقيد واوضاعه في الضحك والتصرف بعنجهية تناسب سنه الصغير حتى اخذه الحنين وكاد ان ينسى ليستدرك على صيحة الصغيرة
اهو ده يا بابا هو دا صاحبه بتاع الورشة
دلفت اليه ملقية التحية بفتور يرتسم على ملامحها نفس التعبير ونظرة العتاب
مساء الخير
مساء النور
رد لتحيتها وعينيه لا تحيد عنها يتابع ما تقوم به من عمل طبي في متابعته بانتباه شديد حتى اذا قاربت على الانتهاء سألها بفضول يشوبه التردد
تفوهت بها مقاطعة له لتعتدل بوقفتها تعيد باستفسارها بلهفة
إيه كمان حاسس بإيه تاني يا بسيوني
عاد برأسه للخلف يتطلع اليها بعدم استيعاب لا يعلم بسر هذه الفتاة معه
مالك يا بسيوني ساكت ليه ما ترد بأي حاجة وريح قلبي
أريح جلبك بإيه يا بت الناس انا مش فاهم حاجة
مش مهم تفهم دلوقتي انا بتكلم ع الإحساس حاسس بإيه وانت بتبصلي قول انا عايزة اسمعك
لماذا تتحدث معه بكل هذا العشم هل جميع النساء مجنونات انه لا يعرف من هذا الصنف سوى شقيقته ابنة قلبه وتربية يده او ربما كلام سطحي مع عدد قليل من النساء التي صادفهم في حياته من اقرباء وجيران لكن هذا النوع الذي يراه امامه
تاني برضوا ساكت يا بسيوني
لا حول ولا قوة الا بالله يارب
تمتم بها كرد طبيعي لهذا التحقيق الذي يراه منها ليبتلع بحرج يجيبها اخيرا بما يشعر به
شوفي يا بت الناس انا ما اعرف انتي بتكلميني كدة ليه وبنفس الوجت حاسس ان ليكي حق عندي في حاجة انا مش عارفها بتسألي وتجرري فيه ليه في إيه
ابتسامة يائسة بزغت بثغرها لتجيبه بما اذهله على حق
من غير ليه ومن غير سبب ويمكن اكون واحدة مچنونة وبتخلق وهم من دماغها تعيش عليه بس اللي انا متأكدة منه كويس هو ان احساسي مبيكدبش عمر ما كڈب ولا خيب معايا عن اذنك بقى اسيبك تريح شوية
قالتها وتحركت تغادر من امامه على الفور لتزيد من تشتته عن ماهية ما تتحدث عنه يبدوا انها بالفعل مچنونة هذه الفتاة لكن لما يجتاحه يقين بأنه يعرفها ملامحها ضحكتها وعبوس وجهها حتى صوتها ليس بغريب عن الاذن بل ويجد راحة غير طبيعية وهي تتحدث معه تبا ما صلته بهذه المرأة
وفي منزل غازي بعدما عاد من الزيارة والاطمئنان على بسيوني كانت الجلسة الان مع صديقه المچنون والذي كان يعبر عن المه بالشكوى غير منتبها لحال الاول وشروده فيما ينتظره ومتوقع من مصائب وكوارث على وشك في هذه الليلة الفارقة
امممم وبعدين كمل يا حبيبي انا سامعك
قالها غازي بنبرة ممتعضة شعر بها الاخير ليهتف به مستنكرا
اي هو اللي بعدين وكمل شايفنب بتكلم انجليزي قدامك يا جدع انت كل الشرح اللي شرحته ده ومفهمتش بقولك هتجنن بسيوني لازم يعرف بسرعة ويعملي فرحي على اخته قاعدة معايا في نفس البيت ومش عارف اتكلم معاها كلمتين دي ايه الخيبة التقيلة دي
توقف عن استرساله حينما طال صمت الاخر ترتسم على وجهه ابتسامة فاترة صفراء زادت من غيظه ليهدر به
في ايه يا غازي ما ترد عليا ولا انا هفضل كدة اكلم نفسي وبس
إلا هنا ولم تعد به طاقة للتحمل ليضرب بكفه على ذراع المقعد بصيحة جهورية معبرة عن حنقه
يعني ارد عليك بإيه يا يوسف انا دماغي فيها كلاب صعرانة بتعوي وانتي جايلي بجنانك ده وعايزها سلق بيض مفكرها ساهلة عايز فرحك في اسبوع وبسيوني لسة محدش ضامن رد فعله لو عرف طب افرض رفض وجلب
الطرابيزة فوج روسنا هتعمل ايه عاد
نهار اسود دا انا كنت اقټلها واقتل نفسي يرفض دا ايه دي مراتي
يعني خلصان الكلام ولا انا عشان مؤدب ومراعي الظرف لاااا دا انا ساعتها اقلب عربجي
يااارب الصبر من عندك
تمتم بها غازي عقب صړاخ الاخر به ليزفر بتعب وقلة حيلة حتى وضع كفه على جبهته غير قادرا على الجدال وقد تمكن اليأس منه حتى انتبه صديقه لحالته
انت مالك عامل كدة ليه هو انا لدرجادي زعلتك بكلامي
رفع عينيه يجيبه بإرهاق شديد
مش زعلان منك يا يوسف انا بس مش فاضيلك النهاردة بالذات دماغي في مية حتة وموضوعك ده على كد سهولته على كد الصعوبة اللي فيه لانه مش بالبساطة اللي انت متخيلها
صمت المذكور يستوعب جدية الحديث يفرك اصابع كفيه ببعضها وتفكير متعمق ظهر في اقتضاب الحاجبين ليهون عليه مشفقا
متشيلش الهم جوي كدة وسيبها على الله
ونعم بالله يارب حلها عن قريب
تمتم بها متضرعا ليعود اليه سائلا بفضول
طب وانت ايه اللي شاغلك اوي كدة ومشيلك الهم
تطلع إليه غازي بصمت دام لحظات حتى أثار بقلبه الريبة ليتابع بفضوله
ما تتكلم يا جدع انت هتفضل كدة منقطني بسكاتك
بغرفتها القديمة والتي أتت اليها اليوم لتبيت ليلتها بها كانت تشاهد التلفاز حينما طرقت عليها باب الغرفة تدخل رأسها اليها بمرح تستأذنها
ادخل عشان احكي معاكي ولا راسك تجيلة وهتنامي
اعتدلت روح بجذعها لتجيبها بابتسامة أنارت وجهها
ولو تجيلة حتى بلاها منها النوم اصلا مدام في حكاوي خشي يا ست نادية هو انتي يعني محتاجة استئذان
ضحكت لها الأخيرة لتدلف وتنضم بجوارها على الفراش قائلة بأدب
ما انا برضك لازم استأذن دا من الأصول وانا متعودة على كدة
يا سلااام ع الأدب الزيادة يا ولاد
عقبت بها روح ضاحكة قبل ان تنزاح بجسدها على الفراش قليلا تفسح لها لتنضم بجوارها وتتلحف بنفس الغطاء ترد على قولها
طبعا يا ختي مأدبة وبتكسف كمان هتنكريها دي
لا يا ستي وانا اجدر دا كان الكبير يعلجني انا وجوزي واد عمه على باب السريا كله الا عيون الريم يا عم
قالتها روح بفكاهة جعلت الأخرى تضحك لمدة من الوقت معها قبل ان تتلبس ثوب الجدية وتقول
اهو سافر ومهموش عيون الريم ولا حتى رجاءها ليه اخوكي دا ملهوش عزيز
بابتسامة مستترة طالعتها ترى المكر جليا في عينيها لتعلق
طب بالذمة انتي مصدجة الكلام اللي بتجوليه الراجل جايدلك صوابعه العشرة شمع وھيموت عليكي يا ولية فجأة جلبتي عليه عشان سافر ومتبعكيش
ردت بنبرة صادقة تمزج بين الخۏف والعتب
ما انا خاېفة عليه يا روح اخوكي متهور والموضوع شكله مش هين ابدا وانا عايزة اعيش في هدوء واستقرار
اشفقت ان تزيد بمشاكستها لتقربها اليها وتضمها بدعم مهونة
ان شاء الله تنولي اللي بتتمنيه معاه وتعيشي في سلام وامان وتخلفي صبيان وبنات غازي ربنا بيحبه انه رزقه بيكي يا نادية بجولك ايه انا هتصل بعارف اعرف منه ايه اخر الاخبار
بملابس التمريض الخاصة بالمشفى خطا هذا الشاب بثقة يدعيها يلتقط فرصته بانتهاء المناوبة المسائية لهذه الفتاة الثقيلة وقد تخلص منها اخيرا وتأكد بخروجها من باب المشفى للمغادرة
اقترب من الرجلين الجاثمين خلف باب الغرفة مشيرا نحو الادوات الطبية التي يحملها كي يفهما دون شرح بأنه ضمن الفريق الطبي للرعاية وكما توقع لم يشك احد منهما او يمنعاه بعد رؤيتهم للطاقم الطبي الذي يرتديه وقد استطاع هذا الرجل الملعۏن بتسهيل الامر عليه من مسؤول هام داخل المشفى وفره اليه وقد شرح له باستفاضة كيف ينفذ الامر بدقة حتى
تبدوا الۏفاة كأمر عادي قد يحدث مع حالة المړيض مستغلا سكون الليل الان في هذه الوقت المتأخر
دلف لداخل الغرفة بعدما فتح بخفة ليغلق الباب من خلفه ثم اقترب من المړيض الغافي في النوم ضحك داخله وهو يتخيل صاحب هذا الجسد الضخم ان واجهه بكامل صحته بالطبع سوف يمحيه
تخلص من الادوات التي يحملها بأن وضعها على الطاولة الصغيرة امامه ثم ادخل يده داخل جيب بنطاله يخرج حقنة مجهزة بالمادة التي سوف تخلصه من الأمر بمجرد حقنها داخل المحلول
كان الأمر بغاية اليسر وهو ينفذ بحرفية عاليه لكن وقبل ان يغرز الأبرة في المحلول الملحي المعلق تفاجأ بالصوت من خلفه
انت مين وبتعمل ايه عندك
التف الشاب
ليصعق برؤيتها نفس الفتاة الممرضة تقف على مدخل الغرفة تناظره باعين متشككة تبا كيف جاءت وقد تأكد بنفسه من خروجها
ابتلع بزعر يجاهد لإخفاءه
انا متعين جديد وجاي اشوف شغلي
عبس الشك داخلها وشيء غير مريح يكتنفها نحو هذا الشاب الذي يقف امامها صوت يخبرها ان به امر ما نفس هذا الصوت الذي سمعته فور ان اوقفت سيارة الأجرة كي تغادر الى منزلها ليتردد بذهنها ضرورة العودة حتى تلقي بنظره اخيرة على من شغل قلبها والغافي عما يحدث الان هي مچنونة تعلم ذلك ولكنها ليست بغبية
تكتفت تقترب منه بتربص لتسأله
ولما انت متعين جديد اسمك ايه بقى حكم انا ممرضة برضوا وماسكة الحالة هنا واسمي مشيرة
رد يجيبها بامتعاض
يا اهلا وسهلا يا ست مشيرة انا اسمي محمود ممكن معلش تروحي تشوفي شغلك عشان انا كمان اشوف شغلي
متابعة القراءة