ميراث الندم امل نصر كاملة
المحتويات
منذ قليل لتسقي به زرعة الصبار والنخلة الصغيرة التي زرعتها بجوار قبر الراحل وتحرص على رعايتهما ولكن لابد من تلبية الطلبات الغريبة من النساء
امك عايزة حتة من الصبارة كبيرة ولا صغيرة يا بت
ردت الصغيرة بحماس وهي تعطيها السکين الصغير كي تقطع لها به
عايزة حتتين يا خالة اصلها عايزة تفطم اخويا الصغير
عقبت بها سليمة بابتسامة ساخرة وهي تقترب من الصبارة ثم تقطع لها قطعتين تضعهم لها بحرص على ورقة سميكة
خلي بالك وانتي بتمسكيها لا ينزل المرار على يدك انتي كمان متعرفيش تغسليه حتى بالصابون
تناولتها منها الفتاة بحرص شديد تنفيذا لتعليماتها لتذهب على الفور نحو وجهتها ونهضت سليمة هي ايضا تبغي الرحيل لكن وما ان
استني يا بت
صدر منها النداء قبل ان تستدرك لابتعاد الفتاة بمسافة ليست بقليلة همت لتعلو من صوتها ولكن شيئا اخر لفت نظرها كان اكثر اهمية شيئا طويل بجسد هزيل يعرج بقدمه
الا هنا ولم تشعر بنفسها وهي تتحرك على الفور نحو الجهة التي يسير نحوها الفتى بعد ان نهض من جوار قبر تبا انه قبر مالك الذي بني حديثا وعليه يا فطة باسمه وتاريخ الميلاد والۏفاة زادت النيران بقلبها وعقلها كان كجمر ملتهب بالأفكار السوداء تتبع هذا الفتى بهدوء شديد
شهق مجفلا مرددا بها ثم سرعان ما لاح على وجهه شيء اخر علمته هي بفطنتها لترفع كفها الحرة تغطي نصف وجهه فتتأكد من زوج الأعين التي أرقت منامها ليال طويلة فتصرخ به الان
انت اللي اتهجمت عليا يا حرامي بأمارة العرج اللي في رجلك واللي انا السبب فيه برضك جاوب عن سؤالي وجولي دلوك انتي مين ومين اللي كان باعتك ليا
مين اللي اټهجم ومين اللي زفت انتي شكلك مرة مچنونة واهلك طالجينك ف الشارع بعدي عني
زادت بضعطها تهدر بشراسة
انا دلوك اتأكدت ان مالك كان شريك بس اللي عايزة اعرفة كان ليه دور في جتل اخوه ولا لاه وانت كنت شريكه فيها دي ياض
ان كان ما سبق اليها هو مجموعة من الظنون ف ان ما رأته الان على وجه هذا الغريب من شحوب حل على الفور بأعين برقت بفزع قبل ان
وعند مشمش
حيث كانت تؤدي عملها مع مريضها المفضل رغم تعبها من المحاولات المتواصلة معه دون فائدة انهت المطلوب منها في رعايته ثم شرعت في تقليم اظافر يده وما زال حديثها لا ينتهي معه
ظوافرك طولت اوي يا سي بسيوني طبعا ما انت هتكمل الشهر دلوقتي وانت راقد على سريرك اموت واعرف عاجبك ايه في النومة دي اختك كل يوم تبكي جمبك وتترجاك وانا شرحها مخليتش حاجة معملتهاش معاك لاجل ما تجوم وتسمعني انا بدأت ازهق على فكرة وكدة مش حلو اه ما انت لو زودت في الرقدة هتضطر اوافق على الواد محروس زميلي في المستشفى والنعمة لو حصل يا بسيوني وبعدها قومت لاكون مطينة عيشتك وابقى قول مچنونة براحتك بقى هه
كانت مندمجة في استرسالها حتى غفلت لفترة من الوقت عن تحرك الأصابع معها لتستدرك اخيرا باستجابته مع ضغط يدها لتتوقف بعدم تصديق تراقب ازداياد انتفاض الأصبع لتصرخ مهللة
يا دين النبي انت عملتها بجد ولا بتهزر ياللهوي انت قومت صح يا بسيوني
توقف فجأة لتصرخ به
نهارك اسود انت هترجع تاني ولا ايه والنعمة ما يحصل يا دكتور حد يلحقنا بدكتور يا بنات بسرعة الله يخليكم
يتبع
بداية كدة حابة اعبر عن شكري وامتناني ليكم حبايبي اللي دخلوا وعزوا واللي قدروا غيابي للظرف الصعب من تعب شديد زائد حزني ع الراحلة تسلمولي يا أحلى فانز ربنا ما يحرمني منكم ابدا
الفصل الرابع عشر ج٢
توقف بالسيارة داخل محيط الجامعة وبالقرب من مبنى الكلية التي انتقلت اليه حديثا فقد أصبح مقرها الجديد للدراسة بفضل سعيه طوال المدة الماضية وحرصه الدائم لتهيئتها بالإندماج ف الحياة المدنية معه
وادينا وصلنا اهو يا ست ورد
تمتم مخاطبا لها بإسمها حتى تفيق من حالة الشرود التي تلبستها منذ استقلالها السيارة معه حتى انها لم تنتبه سوى على صوته لتنفض عنها دائرة الأفكار التي تلفها ثم شرعت بلملمة اشيائها بارتباك جعل الكتاب يقع منها فدنى هو يتلقفه لها وعلق بمزاح كعادته
ما براحة يا قلبي ع الكتاب لا يتعور
يتعور!
رددت بها من خلفه بملامح اظهرت امتعاضها لسخافة ما تفوه به
اضحكته هيئتها ليتابع بتسلية
يا كبستك يا يوسف طب جامليني بنص ابتسامة حتى لو بايخة النكتة راعي إحساساتي ع الأقل
تمكن بطرافته ان يسحب استجابة منها بابتسامة صغيرة لكن ما اروعها لاحت على ثغرها الصغير لتنبت بقلبها ورودا وازهار ومدينة كاملة للألعاب والمرح ليتابع متغزلا
شوفتي بقى اهو وشك بينور وبتبقي زي البدر لمجرد بس ما تبتسمي ياريتك تفضلي كدة على طول
خبئت ابتسامتها تسبل اهدابها عنه بخجل زاد عليه الحرج فهي ليست غبية لتدرك حجم ما يبذله معها من افعال كي يخفف عنها ويضكحها بالإضافة لمساندته الدائمة لها انها بالحق مدينة له لتعبر عما جال بخاطرها له بامتنان
انت طلعت جدع جوي يا يوسف بصراحة من غيرك معرفش كنت هعمل ايه
ويعني انا كنت عملت ايه
قالها ببساطة لتزداد خجلا في الرد عليه
كل ده وبتسأل عملت إيه خبرا ايه يا يوسف هو انا جبلة عشان مقدرش ولا احس
إلا هنا وتحفزت كل خليه من ليقترب سائلا بلهفة
حاسة بإيه قولي يا ورد
قالها وقد تقرب برأسه منها حتى بات يأسر ابصارها بخاصتيه لتبتلع ريقها باضطراب اصابها على الفور فباتت تتطلع له بلسان منعقد وارتباك بدى جليا على ملامحها امامه وهو يحثها بنظرته لتبوح بما تشعر به وقد جذبه هذه الهالة الغريبة بها لتنسيه الشعور بالوقت او المكان يتمنى لو يتوقف الزمن بهما فلا يتركها سوى بعد ان
انتوا بتعملوا ايه
انتفض مصعوقا يلتف بجذعه نحو صاحبة الصوت الذي صدح من خلفه ليجد ابنة خالته الثقيلة كما يلقبها دائما تدخل رأسها داخل نافذة السيارة وعينيها تطالعه بمكر مرددة للمرة الثانية
ايه يا يوسف كنت بتحطيلها قطرة في عنيها
جز على اسنانه يطالعها بتوعد يود ان يقفز من محله ويفتك بها
ودا وقت غلاستك واستخفافك يا جزمة
تبسمت تزيد عليه بسماجة اما ورد فتداركت لتهم بالترجل مرددة بضجر
جطرة ايه وكلام فارغ ايه انتي كمان واحنا
في الجامعة وامة لا اله الا الله محاوطانا يا باي عليكي وعلى افكارك يا نانسي
وقبل ان تحط قدميها على الأرض اوقفها الهاتف لتفاجأ بالرقم المحفوظ لديها مرددة بهلع نحوه
دا رقم المستشفى يا ترى بيرنوا عليا ليه يا يوسف
كالكورة المطاطية التي يلعب بها الطفل صغير كان قلبها يتقافز داخل اضلعها بعبث وشغب ولهفة تجاهد لأخفائها بادعاء الجدية امام الطبيب الذي كان يملي عليها بعض التعليمات الجديدة بعد انتهاء فحصه مع مجموعة الأطباء المړيض الذي استفاق اخيرا من غيبوبته وهي ټخطف النظرات نحوه كل لحظة
بلاش سرحان يا مشيرة
وانتبهي للي بقوله
هتف الطبيب بحزم جعلها تجيبه على الفور
معاك يا دكتور والله وحفظت كل التعليمات اللي قولت عليها
اما نشوف
تمتم بها الطبيب بانفعال قبل ان يعود لمريضه الذي يتطلع حوله في الأجواء بتشتت بالكاد يستوعب عودته للحياة مرة أخرى فخاطبه بابتسامة مشرقة
ياللا بقى كدة شد حيلك يا بسيوني عشان تخف بالمرة وتسيب المستشفى حمد الله على سلامة رجوعك للحياة
اوما له الاخير يستجيب بتحريك اجفانه ثم غادر الطبيب ولم يتبقى في الغرفة سواها معه
حمد الله على سلامتك يا بسيوني اخيرا سمعت كلامي وفوقت دا انا لساني اتدلدل معاك لحد ما يأست لدرجة اني كنت هوافق على الواد محروس انه يتجوزني يرضيك كدة
توسعت عينيه في النظر إليها لمدة من اللحظات ثم عقب على قولها
محروس مين وانتي مين
شهقت امامه تزيده حيره برد فعلها
يا نهار اسود بعد دا كله ولساك بتسأل يا بسيوني
اسأل مين وفين انتي مين
للمرة الثانية يسألها عن هويتها وهي التي ظلت على رأسه لمدة تقارب الشهر بأحاديثها عن كل شيء يخصها حتى تيقنت داخلها انه يسمعها ويشعر بها كان الحزن يرتسم جليا على ملامحها حتى ابتأس هو الاخر لحالتها لتضاعف من حيرته بقولها
كنت فاكرة ان قلبك هيحس بيا وان اللي واصلني دلوقتي واصلك ما هي مش محتاجة طب ولا دوا دي دي حاجة كدة ملهاش اسم قال وانا اللي قولت انه سمع نداي ورجع على صوتي
رجعت على صوتك!
ردد بها بسيوني بذهول ليردف بما توصل اليه عقله
يا مرك يا بسيوني ليكون فقدت الذاكرة كمان حجة دي تبجى ۏجعة
اخوي
صدح الصوت من مدخل الغرفة ليفتر فاهه بالابتسام يتلقى حضڼ شقيقته وابنة قلبه التي القت بنفسها عليه ليضمها بذراعه الحرة يربت على ذراعها ويهون
جلب اخوكي يا بت بسيوني
ابتعدت مشيرة لتغادر بحزن اصابها تلفت ابصار يوسف الذي دلف خلف زوجته لينتبه عليه الاخر مرددا له بحفاوة
يوسف بيه طب ما انا فاكراك أنت كمان اها امال ايه الحكاية امال
حمد الله على سلامتك يا بسيوني
تمتم بها كرد له اما ورد فقد رفعت رأسها عن صدره تساله باستفهام
حكاية ايه
رد يجيبها على الفور باستفهام
هو انا مش فقدت الذاكرة برضوا
فقدت الذاكرة! مين جالك كدة يا واد ابوي
ناادية انتي فين
بخطوات سريعة اندفع لداخل الغرفة مرددا بإسمها حتى انتفضت عن جلستها على طرف التخت مجفلة وقد كانت تطوي بعض الثياب التي جفت بعد غسيلها لتجده متجها نحو خزانة الملابس على الفور
انا هنا بطبج الغسيل يا غازي مالك هتجلع جلبيتك ليه
رد بجيبها ويده تخرج الملابس المعلقة ليرمي بها على التخت
مسافر دلوك حالا اصلهم بلغوني ان بسيوني فاق
سمعت منه لتمتم مرددة بفرحة
بسيوني فاق يا ألف نهار أبيض يا ألف نهار مبروك وربنا فرحتني يا غازي وانا اجول وشك نور ليه
قالتها بشقاوة جعلته يلتف اليها ثم قرص على وجنتيها
متابعة القراءة