ميراث الندم امل نصر كاملة
المحتويات
تنكر هتنكر يا بسيوني ولا هتعملي فيها مغيب
قالتها لترتفع رأسها فجأة
فتجد شقيقته امامها تقف تطالعها بذهول ليخرج صوتها بعد ذلك
انتي بتزعجي في اخويا
ابتعلت مشمش بحرج لبكها عن الرد بجملة مفيدة حتى دلف يوسف اليهما سائلا باندهاش لهيئتهم
ايه يا جماعة باصين لبعض كدة ليه
تلبكت مشيرة امام حدة النظرات التي كانت تصوبها نحوها ورد لتبرر لها بكذبة بلهاء
خرجت سريعا من امامهم لبعلق يوسف ضاحكا
مين النمرة دي
عبست ورد تجيبه
دي البلوة اللي بتراعيه عليا النعمة لو اخويا صاحي كان سفخها جلمين يعدلوها البت المچنونة دي
ضحك معقبا لها بتسلية
عسل !
رددت بها بملامح انكمشت پغضب وحنق لتسدير عنه نحو شقيقها تذهب اليه
قطب هو قليلا يستوعب ليتمتم بعد ذلك والفراشات الملونة تحلق من حوله
انا بتكلم كدة مجازا والله مش قصدي حاجة
رمقته بسهم شعاعها العسلي بنظرة جمعت ما بين الدلال والحدة وكأنها لم تصفح بعد ليردد داخله بقلب
حبيبي يا زينهم
ما بتروديش ليه كام مرة اقولها عشان تصدقي وحشتيني يا فتنة وقلبي ڼار بټحرق فيه من وقت ما فارقتك انا غبي لو سيبتك تضيعي مني تاني
كلها رسائل كانت تأتيها على الهاتف تقرأها بابتسامة متسعة وانتشاء يغمرها تشعر انها ملكت العالم بأن اوقعته في عشقها وتتسلى بعڈابه الان بعد ليالي عاشت بها بإحباط وقد ظنته هرب منها بعد معرفته لحالتها كمطلقة وام لأولاد
ضحكت هذه المرة لتضغط على حروف الشاشة بلهجة معاتبة تقول
تشوفني ليه مش انت راجل اعزب وانا ست مطلقة ايه اللي يجبرك على واحدة زيي ولا انت نسيت الصدمة اللي حلت على وشك ساعة ما عرفت
انتظرت ارسال الرد بعدما عرفت بقرائته لها ولكنه فاجئها باتصاله على رقمها تلبكت في البداية واضطربت حتى اضطرت في الأخير ان تجيبه بنبرة جعلتها حادة
وصلها الصوت بهدوء يدهش
خلصنا فين بس يا قلبي هو احنا ابتدينا اصلا وحشتيني يا فتنة وحشتيني اوي
جاعد عندك في الضلمة بتعمل ايه يا غازي
هتفت بها تضغط على قابس الكهرباء تجفله وهي ټقتحم عليه غرفة المكتب الذي كان جالسا خلفه واضعا كفيه على رأسه المطرق بهم يثقل كاهله
مالك يا غازي
ابتلع ينفض عن رأسه الافكار السوداء ليجيب بلهجة بدت عادية
مفيش حاجة يا نادية انا بس خلصت شغل وعجبني جو الضلمة عشان اصفي عجلي شوية
تصفي عجلك في الضلمة!
قالتها بتشكيك وعدم
تصديق ليضطر هو لتغير دفة الحديث وعينيه تجول على ملامحها وما ترتديه ليردف بغزل
يا ما شاء الله شايفك رايجة حاطة الاحمر والاصفر ولابسة
توقف بنظرة ذات مغزى تزيد من ثقتها لتمرر يديها على الشعر الحريري بدلال تسأله بمكر
وايه رأيك بجى حلو ولا اغير احسن
تبسم بخبث وعيناه ذهب لجيدها يقول
والله انتي في كل الحالات عجباني اشحال بجى وانتي مزغللة عيني بالاحمر لون الليالي الزينة ده
تبسمت بخجل تجاهد ان تخفيه لتنهض فجأة تمد كف يدها اليه تدعوه
طب جوم تعالى معايا عشان اعشيك وبعدها اتغزل براحتك
تنهد يزفر بقنوط فعقله المشتت الان لا يعطيه فرصة للإندماج والصلح الذي تبغيه
فهو بالكاد نجح في التجاوب معها الان
روحي دلوك وانا جاي وراك هعمل بس شوية مكالمات
ردت باعتراض
ليه يا غازي ما تأجلها المكالمات الوقت اصلا متأخر
مما انا كمان هراجع على كام ملف بعتهم يوسف وعايز الرد عليهم بسرعة روحي يا نادية مش هعوج عليكي
تمتم بالاخيرة يقلب ف بعض الاوراق امامه يدعي الانشغال بهم كي لا يرى حزنها والذي شعر به من نبرتها الفاترة وهي تخبره بخيبة امل
ماشي يا غازي انت حر ع العموم انا مستنياك ف اي وقت هتدخل الأوضة مش هنام
اوما بهز رأسه دون ان يرفع ابصاره إليها ليظل على وضعه حتى ذهبت من امامه ينتظر خروجها من الغرفة
ليرفع رأسه فجأة مجفلا على صوت تأوها صدر منها
تطلع بتساؤل ليجدها تستند بكفها على الحائط بضعف جعله ينتفض ليرى ما بها
مالك فيكي حاجة
امسكت بكفها على جبهتها تجيبه
حاسة نفسي دايخة وكان الدنيا بتلف بيا اه
في الأخيرة كادت ان تقع لولا ذراعيه التي تلقفتها لترفها محمولة عن الأرض يسألها بقلق
تروحي معايا للدكتورة ولا اتصل اجيببها هنا احسن
وعلى عكس ما توقع تبسمت تقول بدلال
لا ده ولا ده وديني اوضتي عشان توكلني بيدك اصلي حاسة اني جعانة والدوخة بسبب النونو ولا انت ناوي تكسف النونو
ابتسامة واسعة لاحت على محياه ليرد باستسلام ضاحكا
ويعني بعد اللي حصل ده ليا عين انا اكسف النونو ولا ام النونو
ضحكت بانتشاء نجاح خطتها ليتمتم هو بمرح وقدميه تتحرك بها
والله وطلعتي ما ساهلة يا نادية عرفتي تغلبي الكبير يا بت هريدى
يتبع
الفصل الثالث عشر ج٢
كالعادة وفي كل يوم خميس تجهزت على الميعاد لترتدي عباءتها السوداء ثم تناولت سلة المخبوزات التي اعدتها منذ الأمس لتهبط الدرج من الطابق الثاني إلى الأول
ولكن وقبل ان تحط قدميها على الأرض جبدا وصلها الصوت المتحشرج عن قرب لتفاجأ به بجوار والدته في الصالة الداخلية جالسا بجذعه على الأريكة الخشبية يحيط رأسه بكفيه ويغطي نصف جسده بغطاء ثقيل وكأنه
انت نمت هنا يا فايز
صدر منها السؤال بما تفكر به لينتبه لها مع سکينة التي تكفلت هي بالرد
ايوة يا بنتي امبارح كان راسه تعباه جوي وانا اللي دجيت عليه يبيت هنا خۏفت ليمجدرش يكمل للبيت هناك ولا يوقع في الطريق
كانت الكلمات تخرج منها بنبرة اسفة وكأنها تخشى ڠضبها حتى شعرت سليمة بالحرج لتعقب ملطفة لها
انا مجولتش حاجة يا مرة عمي انا بس اتفاجات انه
يبيت هنا ويسيب اهل بيته هناك لحالهم
مش جاعدين لحالهم يا سليمة
قالها فايز لترتفع رأسه اليها مستطردا
خوات شربات لسة بيبتوا معاها ومش سبينها على ما تهدى شوية وترد لعجلها يمكن تبطل عمايلها اطمني يا بت عمي انا مش جاي ارمي بلايا عليكي زي كل مرة
برغم كل ما حدث وما لاقت منه الا ان رؤيته بهذا الانكسار بالفعل يؤلمها ولكنها ايضا لن يفوتها السؤال الملح
طب وبناتك يا فايز هتسيبهم ومرتك بالحالة دي اللي بتجول عليها
ردد خلفها بما يشبه العتاب
دول عرضي يا سليمة اسيبهم كيف اسيبهم كيف وهما الحبل اللي ربطني بامهم دلوك يعني مهما شوفت منيها مجدرش افوتها عشانهم دول هما اللي باجينلي في الدنيا
تأثرت سليمة بالمرارة التي تنبع مع حرف يخرج منه حتى عبرت له عن تضامنها بالدعاء
ربنا يخليهمولك وتلاجي العوض فيهم
اومأ يطرق رأسه ويعود لحالته الأولى لتمسك سکينة دفة الحديث معها بسجيتها المعهودة
انا كنت جايمة اعمله كوباية شاي عشان رأسه المصدعة تجعدي تشربي معانا ولا نعمل فطار ونفطر مع بعضينا احسن
تبسمت سليمة لعفوية المرأة لتتحلى بالزوق ف الرد لها حتى
تتحاشى ان تخذلها
افطروا انتوا بالهنا يا مرة عمي انا ماشية اصلا دا ميعادي في زيارة المرحوم عن اذنكم
قالتها لتتحرك على الفور ذاهبة وتتمم سکينة من خلفها بأسى
اذنك معاكي يا بنتي تعيشي وتفتكري يا حبة جلبي
قالتها ثم انتبهت على ابنها الذي تجمد في متابعتها وهي تذهب وحسرة ارتسمت على ملامحه الجامدة تشطر قلبها المعذب بالحزن عليه وما جناه بفعله
هل طالت الايام ولم يشعر هو بها لقربها منه تبا انه لم يمر سوى اسبوعين منذ زواجه الصوري منها ولكن قلبه المعذب يتألم لألمها جزعها على شقيقها الذي طالت غيبوبته لتقارب الشهر تجعلها زهرة ذابلة امامه لولا انه يجبرها بإلحاحه على مشاركته الطعام لما وضعته بفمها ابدا كيف السبيل ليجعلها تفرح
زفر قانطا في محاولة منه لمخاطبتها
عاملة ايه في كليتك الجديدة قدرتي تندمجي ولا لسة برضوا مش قادرة تسايري الجو الجديد
سألها ليفك جمودها قليلا حتى يسمع صوتها الذي يفتقده برغم وجودها معه في منزل واحد فكانت اجابتها كالعادة باقتضاب تومئ بهز خفيفية من رأسها
حمد لله تمام الزملا هناك محترمين واكيد مع الوجت ان شاء الله هصاحب واندمج
ان شاء الله أكيد انتي بس اضغطي على نفسك
شوية في مرافقة نانسي على ما تاخدي ع الدنيا هنا وتتعودي وبعدها اقلبيها براحتك ولا تعبريها حتى
تبسمت بخفة لدعابته المقصودة عن ابنة خالته لتهديه نظرة ممتنة قبل ان تعود لطعامها
الذي تتناوله بدون شهية كالعادة
وتطلع هو اليها بنظرة حانية على قدر ما تحمل داخلها من عشق مدفون لم يتمكن حتى الان من البوح به على قدر ما تحمل من شفقة تؤلمه لهذه الحالة التي هي مازالت بها ولا تمكنها من التعايش او المضي قدما في
طريقها أو العودة لشخصيتها الأولى التي عرفها بها المشاكسة المرحة يشتاق بشدة لهذه الايام وهذه المواقف التي جمعهتما قبل ذلك في احب الأماكن على قلبه ولكن ما عليه الان سوى الصبر
امتدت كفه فجأة لتعانق كف يدها الصغيرة ليخطف انتباهها نحوه مخاطبا لها
انا عايزك تتأكدى اننا مش ساكتين غازي كل يوم معايا لحظة بلحظة يتابع الجديد عمرنا ما هنسكت عن حق اخوكي
رمقته بنظرة لن ينساها ابدا وكأنها تعبت ولم تعد بها طاقة للتحمل
انا مش عايزة حق انا عايزاه هو نفسه هو يجوم ويجيب كل حاجة حتى لو مجابش كفاية يجوم وياخذني فى حضنه
هتفت بالاخيرة تبغي نزع يدها من قبضته كي تهرب بدموعها بعيدا عنه ولكنه كان الأسرع ليجذبها فجأة بقوة فيضمها اليه مشددا بذراعيه عليها يتلقى نشيج بكائها على صدره وسيل الدموع اڠرق قميص حلته ظلت على هذه الحالة لمدة من الزمن
يربت على ظهرها بحنو وكفه الأخرى تمسح على حجاب رأسها الذي لم تخلعه ابدا في حضرته وهو لم ينبهها او ينهرها على ذلك رغم عڈابه لكل شيء يشتاق اليه منها ولكنه لن يضعط او يذكرها بصفته كزوج يكفيها ما تعانيه وهي صغيرة وبريئة لا تعي لأي شيء مما يدور برأسه المنحرف
حينما هدأت اخيرا رفعت وجهها اليه فتقابلت عسليتها بخاصتيه تحدث يمسح بإبهامه اثر الدموع على وجنتيها
الجميل هدي خلاص ولا لسة بقى هتشغلي حنفية الدموع من تاني بالمرة ياللا قبل ما اغير القميص اللي غرفتيه
قال الأخيرة يجذبها بلطف اليه مرة أخرى حتى ضحكت لطرافته تلهب قلبه بروعة الملامح الباكية حينما تحولت للضحك فجأة
ليغمغم ناظرا في أثرها محدثا نفسه بلوم وبؤس
دي بوسة بريئة ع القورة! امال لو
متابعة القراءة